جاء في كتاب المبسوط للسرخسي الحنفي :
ومن أتى امرأة أجنبية في دبرها فعليه الحد في قول أبي يوسف ومحمد – رحمهما الله تعالى – فيحدان حد الزنا يرجمان إن كانا محصنين ويجلدان إن كانا غير محصنين وهو أحد قولي الشافعي – رحمه الله – وفي قول آخر قال يقتلان على كل حال لما روي عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أنه قال اقتلوا الفاعل والمفعول به.

وحجتهما أن هذا الفعل زنا فيتعلق به حد الزنا بالنص فأما من حيث الاسم فلأن الزنا فاحشة وهذا الفعل فاحشة بالنص قال الله تعالى: ” أتأتون الفاحشة” ومن حيث المعنى أن الزنا فعل معنوي له غرض وهو إيلاج الفرج في الفرج على وجه محظور لا شبهة فيه لقصد سفح الماء وقد وجد ذلك كله فإن القبل والدبر كل واحد منهما فرج يجب ستره شرعاً وكل واحد منهما مشتهى طبعاً حتى أن من لا يعرف الشرع لا يفصل بينهما والمحل إنما يصير مشتهى طبعاً لمعنى الحرارة والليونة وذلك لا يختلف بالقبل والدبر ولهذا وجب الاغتسال بنفس الإيلاج في الموضعين ولا شبهة في تمحض الحرمة هنا .

وجاء في الفقه على المذاهب الأربعة :
عن أبي هريرة رضي الله تبارك وتعالى عنه عن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (الذي عمل، عمل قوم لوط فارجموا الأعلى، والأسفل،وارجموهما جميعاً).

ولأن الله تعالى بين في قوم لوط أنهم خرجوا عن مقتضى الفطرة الإنسانية، وما اشتملت عيه من الغريزة الجنسية من الحكمة التي يقصدها الإنسان العاقل والحيوان العجم، فسجل عليهم أنهم يقصدون اللذة وحدها، بل إنهم أخس درجة من العجماوات، وأضل سبيلاً، فإن ذكورها تطلب إناثها بدافع الشهوة لأجل النسل الذي يحفظ به نوع كل منه، فهو قصد شريف فإذا حملت الأنثى فلا يقربها ولا ينزو الذكر على الذكر أبداً.

ولهذا وصفهم الله تعالى بأنهم مسرفون، وأنهم مجرمون وأنهم ظالمون، وأنهم مرنوا على عمل السيئات قال تعالى: “أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم، بل أنتم قوم عادون” آية 165،166 الشعراء. وقال تعالى: “قال رب انصرني على القوم المفسدين، ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين} آية 30 و 31 العنكبوت . وقال تعالى: “إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون} آية 34 من العنكبوت وقال تعالى: {ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين، إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون، وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون، فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين، وأمطرنا عليهم مطراً، فانظر كيف كان عاقبة المجرمين} من سورة الأعراف.