لم يُنقل في السنة المطهرة ولم يرد في القرآن الكريم أن لسور القرآن خداما من الجن، بل هذا من اختراعات الدجالين والمشعوذين.

يقول الشيخ حامد العلي:

هذا الكلام الذي يدَّعي فيه المدعي أن لسور القرآن خدامـا من الجن، لا أساس له من الصحة، ولا يصح البتة، ولا يعول عليه، فهذا الزعم عارٍ عن الدليل، قائم على التضليل، وهــو كذب على كتاب الله تعالى، ومخالفة واضحة لما يجب من توقيره، وتعظيمه، فكيف يحل لمسلم أن يعتقد أن لكلام الله تعالى المنزل خدامــا من الجان يخدمونه، يحضرون عند قراءة سورة، وينصرفون عند قراءة سورة أخرى، ويدعوهم الداعي عند قراءة السورة فيستجيبون ويحضرون ويعلمونه بما يجهله، ويخبرونه بما خفي عليه، وهل هذا إلا من الشعوذة، والاستعانة بالجن بما هو من قبيل الشرك، ثم ادعاء أن لسورة من سور القرآن خصيصة في إحضار الجان وأنهم يُظهـرون علامة في تطويل الأثــــر أو تقصيره إشارة إلى مرادهم، ادعاء ذلك بغير نص من كتاب الله تعالى أو السنة، من قبيل التهجم على الغيب بغير حق، والتقول على الله بغير علم، وقد قال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).

والعجب كيف يتقبل العقلاء أن يعتمدوا على مثل هذا في تصديق الأخبار، وما أدرانا أن هؤلاء الجن مسلمون حقا، ثم ما أدرانا أنهــم لا يكذبون، أو يستدرجون من يظن أنه أحضرهم بهذا الفعل، وكيف ـ ليت شعري ـ يثق العاقل بخبــــر مجهول أو هو أقرب إلى المعدوم لا يُعرف عنه شيئا، سوى تحريك أثر من الآثار، فيعد ذلك صدقا لا يتطرق إليه شك، ثم يبني عليه ما يبني من الأوهــــام؟!
ولو كانت هذه الخصائص المزعومة بغير دليل، من العلم النافع الذي يُعرف به شيء مــن أثر هذه السور القرآنيـــة، لما ترك النبي صلى الله عليه وسلم دلالة أمته عليه، فقد دلها على كثير من المنافع المؤثرة في التداوي لعلاج الإصابة بالعين والسحر، وأذى الجان، في بعض السور والآيات، وبعض الأذكار والكلمات، ولم يذكر شيئا عن خدام من الجن لسور القرآن، سبحانك هذا بهتان عظيم، فكيف توصل هذا الزاعـــم، إلى معرفة ما لم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم من خصائص هذه السور القرآنية.