الزواج صحيح سواء أكان الشهود عدولا أم كانوا فسقة، وحتى لو لم يقم بالشهادة على هذا النكاح أحد مادام أمر النكاح قد انتشر وشاع، لأن المقصود بالشهادة شيوع الزواج، وقد كان .
يقول الدكتور يوسف القرضاوي مبينا مذهب المالكية في حكم الإشهاد:-
المهم عندهم في صحة العقد هو: شهادة رجلين عدلين، غير الولي، بل هم لا يشترطون الشاهدين في العقد إلا من باب الندب والاستحباب، للخروج من الخلاف .
يقول العلامة الدردير، في كتابه الشهير (الشرح الصغير): وندب الإشهاد عند العقد للخروج من الخلاف، إذ كثير من الأئمة لا يرى صحته إلا بالشهادة حال العقد. ونحن نرى وقوعه صحيحا في نفسه، وإن لم تحصل الشهادة حال العقد كالبيع، ولكن لا تتقرر صحته، وتترتب ثمرته، من حل التمتع، إلا بحصولها قبل البناء (أي الدخول) فجاز أن يعقد فيما بينهما سرا، ثم يخبرا به عدلين، كأن يقولا لهما: قد حصل منا العقد لفلان على فلانة.. الخ) في حين ذكر الشيخ الدردير هنا: أنه يندب إعلان النكاح، أي إظهاره بين الناس، لإبعاد تهمة الزنى، فجعل الإعلان من باب الندب والاستحباب لا من باب الإلزام والإيجاب. انتهى.

يقول الشيخ سيد سابق صاحب كتاب فقه السنة – رحمه الله- :-
وأما اشتراط العدالة في الشهود، فذهب الأحناف إلى أن العدالة لا تشترط وأن الزواج ينعقد بشهادة الفاسقين، وكل من يصلح أن يكون وليا في زواج يصلح أن يكون شاهدا فيه، ثم ٌ إن المقصود من الشهادة الإعلان .
والشافعية قالوا: لابد أن يكون الشهود عدولا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل ) .
وعندهم أنه إذا عقد الزواج بشهادة مجهولي الحال ففيه وجهان، والمذهب أنه يصح .
لأن الزواج يكون في القرى والبوادي ، وبين عامة الناس، ممن لا يعرف حقيقة العدالة، فاعتبار ذلك يشق فاكتفي بظاهر الحال، وكون الشاهد مستورا لم يظهر فسقه. فإذا تبين بعد العقد أنه كان فاسقا لم يؤثر ذلك في العقد؛ لأن الشرط في العدالة من حيث الظاهر ألا يكون ظاهر الفسق، وقد تحقق ذلك. انتهى .
والمالكية أوسع وأيسر المذاهب في حكم الإشهاد على عقد الزواج حيث يذهبون إلى أن الإشهاد مندوب مستحب عند العقد، ولكن لا بد منها عند البناء (الدخول )

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية:-
إذا كان النكاح بحضرة شاهدين من المسلمين صح النكاح. ولو لم يكن الشاهدان معدلين عند القاضي بأن كانا مستورين – صح النكاح إذا أعلنوه ولم يكتموه في ظاهر مذهب الأئمة الأربعة .
ولو كان بحضرة فاسقين صح النكاح أيضا عند أبي حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين . ولو لم يكن بحضرة شهود بل زوجها وليها وشاع ذلك بين الناس صح النكاح في مذهب مالك وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه .
وهذا أظهر قولي العلماء فإن المسلمين مازالوا يزوجون النساء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالإشهاد وليس في اشتراط الشهادة في النكاح حديث ثابت ; لا في الصحاح ولا في السنن ولا في المساند .