الزواج يصبح واجبا- عند جمهور الفقهاء- في حالة واحدة وهي إذا خاف الرجل أو المرأة من الزنا إذا لم يتزوجا، فيجب على كل من ملك القدرة المالية والمعنوية على النكاح أن يتزوج إذا كان محتاجا إلى الزواج، وخاف من تصريف شهوته في الحرام، فإذا كان غير راغب في الجنس، وكان قادرا على ضبط نفسه – رجلا كان أو امرأة-  فلا يجب في حقه الزواج عند جمهور الفقهاء ما لم يصبح هذا اتجاها عاما.
وقد أوجب الظاهرية مخالفين الجمهور الزواج لكل قادر عليه احتاج إليه أو لم يحتج.
ويكاد يكون الحق مع الجمهور، فقد رأينا عددا غير قليل من أئمة العلم وسادات الدنيا أعرضوا عن الزواج، وعاشوا عزابا،

وقد ألف العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة كتابا في هؤلاء أسماه( العلماء العزاب الذين آثروا العلم على الزواج) .
ولكن يجب أن نعرف لماذا أضرب هؤلاء الأئمة عن الزواج؟
لقد أضربوا عن الزواج؛ لأنهم رأوه كلفة مادية ومعنوية لا يتحقق من ورائها ما يتحقق بتركها، فقد رأوا أن الزواج يصرف عن العلم، ويأخذ جزءا من الوقت غير قليل، وقد يدعو إلى المجبنة والمبخلة فرأوه صارفا كبيرا عن العلم الذي نذروا له حياتهم .

إن الزواج- إذا حسنت فيه النوايا- يكون بابا إلى الجنة، وذلك:

1- لأن فيه الإعانة على إعفاف الغير، فالمرأة التي تتزوج تكون قد ساهمت في إعفاف زوجها، ومنعه من الحرام، وفي هذا من الأجر ما فيه.
2-فيه إعفاف النفس عن الحرام، وإشباعها بالحلال، والزواج ليس جنسا فحسب، ولكنه سكن ودفء ومودة، وحنان وعطف ورحمة وأنس.
3- فيه معاونة الطرف الآخر على عباداته وطاعاته، فالزوجة تعد لزوجها الملابس التي يصلي بها، وتطهرها له، وتفرش له السجادة التي يصلي عليها، وتعد له الماء الذي يتطهر به فتشاركه في الأجر والمثوبة.
4- فيه إسقاط لفريضة غائبة، وهي الدعوة إلى الله تعالى. فالدعوة إلى الله، وإصلاح الناس، وأمرهم بالمعروف، وإصلاح حالهم فريضة على الرجال والنساء معا، فإذا تزوجت المرأة، وكونت أسرة فقد أوجدت، وهيئت الجو الذي تمارس فيه هذه الفريضة، وتسقطها عن نفسه، حيث يصبح أولادها أرضا خصبة للإصلاح والتوجيه، والدعوة إلى الله تعالى.
5- فيه تكثير لسواد المسلمين، فالأسر المسلمة عجلات دافعة نحو جيل منشود، فلتحرص المرأة أن تكون لها أسرة في هذا الجيل المنشود ليكون غصة في حلق من يريد لديننا أن يذهب، ولأمتنا أن تذوب.

ولكن إذا خافت المرأة من عدم الوفاء بتبعات الزواج فقد يسعها أن تمتنع عنه بشرط أن تأمن على نفسها من الفتنة؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال أتى رجل بابنته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيعي أباك فقالت والذي بعثك بالحق لا أتزوج حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته قال حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها أو انتثر منخراه صديدا أو دما ثم ابتلعته ما أدت حقه قالت والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تنكحوهن إلا بإذنهن رواه البزار بإسناد جيد، وصححه الشيخ الألباني .