لا يجوز أكل (الآيس كريم) الذي يدخل الكحول في تركيبه لحرمته، ولعدم وجود الضرورة التي ترفع هذا الحظر، وفي الحديث ما أسكر كثيره فقليله حرام ولا ينفع في هذا المقام القول بأنها تطايرت لأنه إذا لم تكن مقصودة في الطعام ما وضعت فيه..
أحلَّ الله تعالى الطيبات للمؤمنين، وحرَّم عليهم الخبائث وكلَّ ما فيه ضرر، فقال تعالى :” وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ “، وقال تعالى :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ” البقرة 172 . ، وقال أيضا :” يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ “المؤمنون 51
وقد جعل الله تعالى المحرمات عموما – وفي الأطعمة والأشربة خصوصا- ضيقة محصورة، فقال :” قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ “.  الأنعام 145
وفي الأشربة قال :” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ “.  المائدة 90
وقال صلى الله عليه وسلم :” ما أسكر كثيره، فقليله حرام “، والكحول من المسكرات، وكل ما غلب عليه، كان محرما .
أما كون الكحول يدخل في صنع الآيس كريم، وأن بعض هذه المكونات تستحيل، وبعضها يبقى، فإن الاستحالة اختلف الفقهاء المعاصرون في الحكم عليها، والراجح في تناول الآيس كريم أنه يحرم، لعدم الحاجة إليه، لأنَّ المجتمع الغربي اعتاد على السكر والشرب، وليس في وضع الكحول على الآيس كريم فائدة مرجوة، والذي يتناولها ليس مريضا، لأن الآيس كريم ليس دواء، مع اختلاف الفقهاء في جواز التداوي بمحرم، فالراجح حرمته .
فإذا جمعنا كل هذا، قلنا: لا يجوز تناول الآيس كريم الذي يحتوي على الكحول، ولأنه ليس هناك داع إليه، وأن المسلم في الغرب لن يُصاب بضرر أو أذى في جسده إن تخلى عنه، كما أن هناك أنواعا أخرى ليس فيها كحول، وإن لم يوجد إلا هذا النوع، فيجب تجنبه، تربية للمسلمين على عدم الاجتراء على الحرام، وهو من الأمور الترفيهية، ولا يتوقف عليه حياة الإنسان، فماذا نقول في الذبائح والأطعمة الأساسية التي لا يستغني عنها الإنسان في الغرب .

كما أن الله تعالى قد أمر بمجاهدة النفس، ووعد من يجاهدها بالثواب العظيم، فقال :” وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ “.  الروم 69

وإن كان الإنسان بطبعه قد يعافى أن يأكل أو يشرب شيئا مباحا، فكان من الواجب الابتعاد عن كل ما فيه شبهة حرام، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين:” إن الحلال بين، وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام .