من صلى بالناس إماما وتبين له أنه على جنابة فصلاته باطلة، ويجب عليه الإعادة، أما صلاة المأمومين فصحيحة، بناء على الراجح من أقوال أهل العلم، وقد نقل العلامة ابن قدامة إجماع الصحابة -رضوان الله عليهم- على بطلان صلاة الإمام وصحة صلاة المأمومين.

جاء في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي:
الإمام إذا صلى بالجماعة محدثا, أو جنبا, غير عالم بحدثه , فلم يعلم هو ولا المأمومون , حتى فرغوا من الصلاة , فصلاتهم صحيحة , وصلاة الإمام باطلة. روي ذلك عن عمر , وعثمان , وعلي , وابن عمر رضي الله عنهم , وبه قال الحسن , وسعيد بن جبير , ومالك , والأوزاعي , والشافعي , وسليمان بن حرب , وأبو ثور.

وعن علي أنه يعيد ويعيدون . وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة , وأصحابه ; لأنه صلى بهم محدثا , أشبه ما لو علم.

ولنا , إجماع الصحابة رضي الله عنهم , روي أن عمر رضي الله عنه صلى بالناس الصبح , ثم خرج إلى الجرف , فأهرق الماء , فوجد في ثوبه احتلاما , فأعاد ولم يعيدوا وعن محمد بن عمرو بن المصطلق الخزاعي , أن عثمان صلى بالناس صلاة الفجر , فلما أصبح وارتفع النهار فإذا هو بأثر الجنابة . فقال : كبرت والله , كبرت والله , فأعاد الصلاة , ولم يأمرهم أن يعيدوا .

وعن علي , أنه قال : إذا صلى الجنب بالقوم فأتم بهم الصلاة آمره أن يغتسل ويعيد , ولا آمرهم أن يعيدوا . وعن ابن عمر , أنه صلى بهم الغداة , ثم ذكر أنه صلى بغير وضوء , فأعاد ولم يعيدوا . رواه كله الأثرم . وهذا في محل الشهرة , ولم ينقل خلافه , فكان إجماعا.

ولم يثبت ما نقل عن علي في خلافه , وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا صلى الجنب بالقوم , أعاد صلاته , وتمت للقوم صلاتهم } . أخرجه أبو سليمان محمد بن الحسن الحراني , في ” جزء ” . ولأن الحدث مما يخفى , ولا سبيل للمأموم إلى معرفته من الإمام , فكان معذورا في الاقتداء به , ويفارق ما إذا كان على الإمام حدث نفسه ; لأنه يكون مستهزئا بالصلاة فاعلا لما لا يحل . وكذلك إن علم المأموم , فإنه لا عذر له في الاقتداء به.