من الصيام المحرم: مما ابتدعه الناس بأهوائهم، ولم يشرعه الله ورسوله ولا عمل به الراشدون المهديون من خلفائه، ولا دعا إليه أحد من أئمة الهدى إفراد صيام يوم الثاني عشر من ربيع الأول بدعوى أنه يوم ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي ينبغي أن نعبر عن حبنا له بالصوم.

ونحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونتعبد لله تعالى بحبه، ونعتقد أن حبنا له جزء من الإيمان، ولا يذوق المرء حلاوة الإيمان حقًا ما لم يكن الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، بل أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.

ولكن أعظم مظهر لحبنا له: أن نتبع سنته، ونعظم شريعته، ونقف عند أمره ونهيه، ولا نشرع في دينه ما لم يأذن به الله تعالى.

وصوم يوم مولده، لم يشرعه لنا، ولم يجئ في ذلك حديث صحيح ولا ضعيف، ولم يقل به أحد من سلف الأمة، ولم يفعله، ورحم الله القائل:-

وكل خير في اتباع من سلف     وكل شر في ابتداع من خلف.

على أن تحديد يوم 12 ربيع الأول، باعتباره يوم مولد النبي، لا يقوم عليه دليل صحيح، وإن اشتهر بين المسلمين. فهناك من يقول: مولده يوم التاسع، وهناك من يقول غير ذلك.

ولو كان ذلك أمرًا مُهِمًا يترتب عليه حكم شرعي لضبطه المسلمون، وتناقلوه كما ضبطوا غيره مما يتعلق بالأعمال والأحكام.