على الإمام أن يسجد سجدة التلاوة إذا قرأ آية بها سجدة…. هذه هي السنة، ولكن قد يكون للإمام سبب معتبر في عدم السجود ككون السجدة من السجدات المختلف فيها، وقد يكون مقلدا لمذهب من لا يرى سنية هذه السجدة على وجه الخصوص ، مثل السجدة الثانية من سورة الحج . ومثل مذهب المالكية الذين يرون أن سجدات المفصل من القرآن لا سجود فيها، والمفصل من سورة ( ق ) إلى آخر المصحف ، فلا سجود عندهم في العلق، ولا في الانشقاق .

وقد يكون الإمام ممن يرى أن الركوع يغني عن سجدة التلاوة كما هو مذهب الإمام أبي حنيفة .

فمن أدرك أن الإمام ركع فلم يسجد أن يأتي بالركوع، ثم يدرك الإمام ويكمل معه، ومن لم يفعل ذلك فعليه إعادة الصلاة .

قال ابن قدامة في المغني :-

إن سبق الإمام المأموم بركن كامل ; مثل أن ركع ورفع قبل ركوع المأموم ، لعذر من نعاس أو زحام أو عجلة الإمام ، فإنه يفعل ما سبق به ، ويدرك إمامه ، ولا شيء عليه . نص عليه أحمد . قال المروذي : قلت لأبي عبد الله : الإمام إذا سجد ، فرفع رأسه قبل أن أسجد ؟ قال : إن كانت سجدة واحدة فأتبعه إذا رفع رأسه . وهذا لا أعلم فيه خلافا .

وإن سبقه بركعة كاملة أو أكثر ، فإنه يتبع إمامه ، ويقضي ما سبقه الإمام به .
قال أحمد ، في رجل نعس خلف الإمام حتى صلى ركعتين ؟ قال : كأنه أدرك ركعتين ، فإذا سلم الإمام صلى ركعتين . وإن سبقه بأكثر من ركن ، وأقل من ركعة ، ثم زال عذره ، فالمنصوص عن أحمد أنه يتبع إمامه ، ولا يعتد بتلك الركعة ; فإنه قال في رجل ركع إمامه وسجد وهو قائم لا يشعر ، ولم يركع حتى سجد الإمام ، فقال : يسجد معه ، ويأتي بركعة مكانها .

وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله : الإمام إذا سجد ورفع رأسه قبل أن أسجد ؟ قال: إن كانت سجدة واحدة فاتبعه إذا رفع رأسه ، وإن كان سجدتان فلا يعتد بتلك الركعة . وظاهر هذا أنه متى سبقه بركعتين بطلت تلك الركعة . وإن سبقه بأقل من ذلك فعله وأدرك إمامه .

وقال أصحابنا الحنابلة ، فيمن زحم عن السجود يوم الجمعة : ينتظر زوال الزحام ثم يسجد ويتبع الإمام ، ما لم يخف فوات الركوع في الثانية مع الإمام .

وهذا يقتضي أنه يفعل ما فاته ، وإن كان أكثر من ركن واحد، وهذا قول الشافعي { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله بأصحابه في صلاة عسفان ، حين أقامهم خلفه صفين ، فسجد بالصف الأول ، والصف الثاني قائم ، حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الثانية ، فسجد الصف الثاني ، ثم تبعه } . وكان ذلك جائزا للعذر . فهذا مثله .

والأولى في هذا ، والله أعلم ، ما كان على قياس فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف ; فإن ما لا نص فيه يرد إلى أقرب الأشياء به من المنصوص عليه . وإن فعل ذلك لغير عذر بطلت صلاته ; لأنه ترك الائتمام بإمامه عمدا .