يستحب أن نستقبل الحجيج بتهنئة الحاج بعد قدومه من سفره كما يستحب صنع وليمة له، وهذا هو الهدي الذي علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما إضاءة المصابيح وإطلاق الأعيرة النارية والكتابة على الجدران فكل هذا من التكلف والمباهاة التي ينبغي تركها، فلا مانع من إظهار الفرحة والبهجة بسلامة القدوم من السفر أما أن يقترن ذلك بإسراف المال في مثل الأمور التي وردت في سؤال السائل فليس هذا من هدي الإسلام الذي علمنا إياه رسول الله -صلى الله عليه وسلم -.

الجائز والممنوع في استقبال الحجاج بعد عودتهم:

يقول فضيلة الدكتور حسام عفانه –أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين-: إن الإخلاص في العبادة هو أساس قبولها ومن الإخلاص في العبادة البعد عن الرياء وأخشى أن ما يفعل عند استقبال الحجاج من مظاهر يدخل في ذلك فلا ينبغي كتابة اللوحات وتعليقها على باب دار الحاج وكذلك إطلاق الألعاب النارية وإنارة المصابيح الكهربائية الكثيرة يقول الله تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا } سورة البقرة الآية 264 . ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من يُسمِّع يُسمِّع الله به، ومن يرائي يرائي الله به ) رواه البخاري ومسلم

وأما ذبح شاة ليمر الحاج عليها فلا يجوز لأن الأصل في الذبح أن يكون لله تعالى:{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } سورة الأنعام الآية 162.

وإذا رجع الحاج إلى بلده فيستحب أن يقول مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول فقد ثبت في الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ) رواه البخاري.

ولا بأس من أن نستقبل الحجيج استقبالاً عادياً بدون مبالغات وتهنئتهم بالحج وبسلامة العودة إلى الديار وإذا سلم على الحاج وقال له: ( تقبل الله حجك وغفر ذنبك وأخلف نفقتك) فلا بأس به وقد ورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال ( اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج ) رواه البيهقي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ذكره النووي في كتابه الأذكار في باب ما يقال لمن يقدم من حج وما يقوله . ص 195
ولو أن أقارب الحاج صنعوا طعاماً للحاج ومهنئيه فلا بأس بذلك. انتهى

تهنئة الحاج بالحج وما يقال له:

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: التهنئة مستحبة في الجملة ; لأنها مشاركة بالتبريك والدعاء – من المسلم لأخيه المسلم فيما يسره ويرضيه ; ولما في ذلك من التواد , والتراحم , والتعاطف بين المسلمين. وقد جاء في القرآن الكريم تهنئة المؤمنين على ما ينالون من نعيم , وذلك في قوله تعالى {كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون}.

ونستقبل الحجيج بالتهنئة بكل ما يسر ويسعد مما يوافق شرع الله تعالى , ومن ذلك : التهنئة بالنكاح , والتهنئة بالمولود , والتهنئة بالعيد والأعوام والأشهر , والتهنئة بالقدوم من السفر , والتهنئة بالقدوم من الحج أو العمرة , والتهنئة بالطعام , والتهنئة بالفرج بعد الشدة .

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن تهنئة القادم من سفر والسلام عليه ومعانقته تحسن وتستحب , وزاد الشافعية أن تقبيل القادم , ومصافحته مع اتحاد الجنس , وصنع وليمة له تسمى النقيعة , واستقباله وتلقيه . . مندوب كذلك , قال الشعبي : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدموا من سفر تعانقوا , وقالت عائشة رضي الله عنها : { قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله في بيتي , فأتاه فقرع الباب , فقام إليه النبي صلى الله عليه وسلم يجر ثوبه فاعتنقه وقبله } . والتهنئة المستحبة للقادم من السفر تكون بلفظ : الحمد لله الذي سلمك أو : الحمد لله الذي جمع الشمل بك , أو نحو ذلك من الألفاظ الدالة على الاستبشار بقدوم القادم.

وذهب الشافعية إلى أنه يندب أن يقال للحاج أو المعتمر , تقبل الله حجك أو عمرتك , وغفر ذنبك , وأخلف عليك نفقتك .