الأصل في الصلاة هو الخشوع التام فلا يتقبل من صلاة العبد إلاّ بقدر ما خشع فيها، ولكن قد تطرأ بعض الأمور تستدعي أن يقوم المصلي بحركات أو أن يعترضه ما فيه الهلاك كالحية أو العقرب أو ما يجعله يلتفت للضرورة يميناً أو شمالاً، فما يصدر عن هذه الأمور غير المتعمدة من حركات فهو مباح.

المصلي يجب أن يكون خاشعا في صلاته مقبلا عليها فلا يجوز له أن يتكلم أو يضحك أو يأكل أو يفعل شيئا من هذا القبيل وإلا بطلت صلاته وكانت لاغية.

غير أن هناك أعمال اضطرارية يرخص للمصلي في مباشرتها إذا اضطر إليها .

منها البكاء والأنين والتأوه ، سواء كان من خشية الله أو لسبب آخر كالوجع والمرض ، إذ البكاء مهما تكن دوافعه فهو اضطراري.

ومنها الالتفات عند الحاجة فقد روى الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلتفت يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه خلف ظهره ، أما الالتفات لغير حاجة فهو مناف للخشوع فقد روى البخاري عن عائشة قالت : سالت النبي صلى الله عليه وسلم عن التلفت في الصلاة فقال اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.

ومنها المشي اليسير كخطوة أو خطوتين ، بشرط أن لا تستدبر القبلة ، فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في البيت والباب عليه مغلق فجئت فاستفتحت الباب فمشى ففتح لي ثم رجع إلى مصلاه ، ووصفت أن الباب في القبلة.

ومنها قتل الحيوانات المؤذية كالحية والعقرب والفارة ونحوها وإن أدى قتلها إلى عمل كثير، فقد روى أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب.

ومنها رد السلام وإجابة المتكلم بالإشارة لما رواه مسلم عن جابر قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال بيده هكذا ثم كلمته فقال بيديه هكذا يعني أشار بها ، وروى أحمد وأصحاب السنن عن صهيب قال : مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد علي إشارة ، وتجوز الإشارة باليد وبالرأس فكلاهما ورد عنه صلى الله عليه وسلم ، ومنها التسبيح إذا عرض له في الصلاة ما يحوجه إلى الكلام فقد روى أحمد وأبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله ، إنما التصفيق للنساء والتسبيح للرجال) (رواه الشيخان).

ومنها حمد العاطس أو حدوث نعمة لما رواه الترمذي والنسائي أن رجلا صلى خلف النبي صلى الله عليه وسلم قال :الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ويرضى، فلما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم قال :والذي نفس محمد بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة فإذا سجد غمزها بيده فقبضت رجلها، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي فجاءه الشيطان ليقطع صلاته فأخذه فخنقه حتى سال لعابه على يده ، وكان يصلي إلى جدار فجاءت بهيمة تمر بين يديه فما زال يدارؤها حتى لصق بطنه بالجدار ومرت من ورائه.

وكان صلى الله عليه وسلم يصلي فجاءته جاريتان قد اقتتلتا فأخذهما بيده فنزع إحداهما عن الأخرى وهو في الصلاة.أ.هـ