السواك من السنن الآكدة التي واظب عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودعا الأمة إليها بالغ الدعوة تنظيفا لأفواههم، وإبعادا لما عساه يخرج من رائحة الأسنان التي تؤذي صاحبها ، وتؤذي الآخرين.
واستعمال فرشاة الأسنان مع المعجون الطبي في عصرنا مما يدخل في معنى السواك، ويأخذ حكمه، ويغني عنه لمن اقتصر عليه.
وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى السواك، والسواك معناه دلك الأسنان، فبأي وسيلة محصلة للغرض حصلت السنة، وإن كان استعمال عود الأراك نفسه سنة أخرى فوق سنة التسوك.

يقول فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتاب فقه الطهارة:

السواك من سنن الفطرة. ويطلق على الفعل، وهو مصدر (ساك) يسوك: أي دلك أسنانه، كما يطلق على الآلة التي يُستاك بها نفسها. وتسمى أيضا (المسواك).
وهو من السنن التي رغب فيها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله، اهتماما منه بنظافة الأسنان، لما تدل عليه من حسن المنظر، وطيب الرائحة، فضلا عما وراءه من سلامة الأسنان من التسوُّس ومختلف الأمراض، إذا أهملها الإنسان.
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب .
قال النووي في المجموع: رواه ابن خزيمة في صحيحه والنسائي والبيهقي وآخرون بأسانيد صحيحة، وذكره البخاري في صحيحه معلقا بصيغة الجزم. (2/267،268). وروى البخاري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” قد أكثرت عليكم في السواك “. انظر: المجموع (268) وما بعدها.
وفي الصحيحين عن حذيفة بن اليمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك.
وفي صحيح مسلم عن عائشة: كان صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك.

بماذا نتسوَّك؟ (السواك العصري) :
وبعض الناس يظنون أن السواك لا يكون إلا من شجر (الأراك) المعروف، ولكن الفقهاء لم يشترطوا ذلك.
قال الشيرازي في المهذب: والمستحب ألا يستاك بعود رطب لا يقلع، ولا بيابس يجرح اللثة، بل يستاك بعود بين عودين، وبأي شيء استاك، مما يقلع القلح ( القَلَح: هو الصفرة أو الخضرة التي تعلو الإنسان)، ويزيل التجير: أجزأه، كالخرقة الخشنة وغيرها، لأنه يحصل به المقصود.
قال الإمام النووي: فيجوز الاستياك بالسعد والأُشْنان( أشياء تستخدم للتنظيف) وشبيههما، وذكر الاختلاف في الاستياك بالأصابع، فإن كانت الأصبع لينة: لم يحصل بها السواك بلا خلاف، وإن كانت خشنة، ففيها أوجه، منهم من لم يجزها، لأنها لا تسمى سواكا، ولا هي في معناه. ومنهم من أجازها لأنها يحصل بها المقصود. وبعضهم أجازها إذا لم يجد شيئا غيرها.
ومن هنا: نرى أن استخدام (الفرشاة) الحديثة مع معجون الأسنان الطبي، يقوم مقام السواك، بل هي (السواك العصري) لما تشتمل عليه من مادة أو دواء، يساعد على تنظيف الأسنان أكثر من السواك المعتاد، لا سيما أن الإسلام يركز على تحصيل المقاصد الشرعية، وإن تغيرت الوسائل.
وبخاصة أننا لا نستطيع أن نلزم العالم كله أن يستخدم شجر الأراك في التسوك وتطهير الفم، وإرضاء الرب، فقد لا يتوافر هذا الشجر في كل العالم.