حضانة الأبناء عند الطلاق حق من حقوق الأم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت فإن الحضانة تنتقل منها إلى من يليها، واختلف العلماء فيمن يكون له حق الحضانة بعد الأم .
فذهب جمهور الفقهاء إلى أن ذلك لأم الأم؛ لأنها بهم أشفق، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية أن الحضانة بعد الأم تنتقل إلى الأب فهو أشفق عليهم من الجميع، وهذا قول وجيه فلتكن عليه الفتوى .

فالأم أحق بحضانة أبنائها قبل سن السابعة، ما لم تتزوج ، فينتقل الحق لمن يليها ، لما روى أحمد (6707) وأبو داود (2276) عن عبد الله بن عمرو أن امرأة قالت : يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أنت أحق به ما لم تنكحي” والحديث حسنه الألباني في صحيح أبي داود .
ويجب تمكين الأب من رؤية أبنائه ، والسؤال عن أحوالهم ، سواء كانوا في حضانة الأم أو غيرها .
وحيث إن حق الأم في الحضانة قد سقط بزواجها ، فإنه ينتقل لمن بعدها ، وفي تعيين الأحق بعد الأم خلاف بين الفقهاء ، فذهب بعض العلماء إلى أنه ينتقل إلى أم الأم ، ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الأب أولى من أم الأم ، وعليه فتنتقل الحضانة إليك . (الشرح الممتع 6/26 الطبعة الكاملة) .
وكذلك لو كانت أم الأم كافرة أو فاسقة ، فإن الحضانة تنتقل إلى الأب حتى عند القائلين بأن أم الأم أحق من الأب .
وينبغي أن يعلم أن مقصود الحضانة هو حفظ الطفل ورعايته ، ولهذا يسقط حق الشخص في الحضانة لفسقه وفساده ، أو لإهماله وتضييعه ، أو لكثرة أسفاره التي تضر بمصلحة أولاده .
وينبغي أن يتعاون الأبوان في هذا الأمر ، مراعاةً لمصلحة أولادهما ، وحتى لا يكون تنازعهما سبباً لفشل الأبناء وضياعهم .
وليس في المسألة آية قرآنية تحدد الأحق بالحضانة ، لكن حسب المسلم قوله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الحشر / 7
وقوله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) النساء / 65 .
وقوله : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) الأحزاب / 36
وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بسقوط حق الأم في الحضانة إذا تزوجت ، كما سبق في الحديث ، فعلى المؤمنة أن ترضى بذلك وتسلم .