صلاة الجماعة من شعائر الإسلام التي حرص عليها ، وجاءت أحاديث كثيرة توضح فضلها ، من ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة } .
وحث على الصلاة في أول الوقت ، وحين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله ، فقال صلى الله عليه وسلم ” الصلاة على وقتها”، وكلما بادر الإنسان بالصلاة كان أولى .

فإذا لم يلحق الإنسان الجماعة الأولى ، جاز لمن فاتته أن يصلي في جماعة أخرى، وما نقل عن الإمام الشافعي والإمام مالك من النهي عن إقامة جماعتين في مسجد واحد ، يحمل على أن يكون ذلك من البداية ، وذلك أن يفكر الناس أن ينشئوا جماعتين ، كما يحمل على أن يكون القصد من ذلك تفرقة المسلمين ، أو يستقل كل إنسان بجماعة ، فلو كان الغرض من الصلاة في جماعة في غير الجماعة الأولى ، لكان منهيا عنه ،لأنه يخالف حكمة إقامة الجماعة.

أما أن يدخل الإنسان فيرى جماعة تصلي ، وينفرد هو بالصلاة وحده ، فلا يجوز، وذلك لما يلي:
الأول : أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء ، وذهب بعض الفقهاء إلى أنها واجبة وجوبا عينيا، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه بابا سماه ( باب وجوب صلاة الجماعة ) .
وممن قال بأن الجماعة فرض عين عطاء والأوزاعي وإسحاق وأحمد وأبو ثور وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان والظاهرية .
ومن الفقهاء الذين قالوا بأنها فرض عين من يرى أن الجماعة شرط للصلاة ، ومنهم من جعلها فرضا غير شرط.
فكان ترك الجماعة في مثل هذه الحالة لا مسوغ له شرعا.
ومن الفقهاء من رأى أنها فرض كفاية ، وذهب إليه كثير من فقهاء الشافعية والمالكية .
والقول بوجوبها عند كثير من العلماء – وإن لم يكن راجحا – إلا أنه يعضد عدم جواز الصلاة منفردا مع وجود جماعة مقامة.
كما أن بعض الفقهاء يسوي بين الجماعات في الصلاة ، لأن ظواهر الحديث أتت دون تحديد .

الثاني : أن بعض الفقهاء يرى أن صلاة المأموم منفردا مع الجماعة تبطل صلاته ، فكان القول بعدم جواز انفراده بالصلاة عنهم أولى بالنهي.

الثالث : أن الفقهاء تحدثوا عن أسباب التخلف عن الجماعة في مثل حالات المطر أو الخوف أو الظلمة ، فلم يكن في ترك صلاة الجماعة المقامة أمام عين المصلي عذرا لتركها .
الثالث : أن في ترك صلاة الجماعة في المسجد ، مع كون الجماعة مقامة مخالفة لمقصود الشارع من إقامة الجماعة ، والالتزام في الصف المسلم، وتعلم الفرد أنه عضو ينتظم في سلك الجماعة الكبرى ، مع ما في ذلك من التواضع لله ، ثم لخلق الله ، والالتئام الروحي بين المسلمين، وغير ذلك من مقصود الجماعة في الصلاة.

ومن خلال ما سبق، فلا يجوز ترك صلاة الجماعة ، وأن يصلي الإنسان منفردا في وقت إقامة الجماعة.