الدعاء الوارد عن الحسن هو خاص بصلاة الوتر ،وجعله البعض أيضا في وتر الفجر ، كما رجح ذلك كثير من الفقهاء ، وهو غير قنوت النوازل، والمشروع من سنة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو على رعل وذكوان وغيرهما من القبائل التي كانت تحارب المسلمين، بل دعا على أشخاص بعينهم ، وكل ذلك وارد في السنة الصحيحة.
كما أن الدعاء في أي وقت بغير ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس حراما، وإن كان خلاف الأولى .

جاء في طرح التثريب لعبد الرحيم العراقي الشافعي :
فأما قنوت الحسن فرواه أصحاب السنن بلفظ { علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر } وفي رواية { في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت } لفظ أبي داود وقال الترمذي والنسائي في رواية له { فإنك تقضي } وقال ابن ماجه { سبحانك ربنا وتعاليت } . وزاد فيه البيهقي بعد قوله { إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت } وزاد فيه ابن أبي عاصم في كتاب التوبة والمتابة { نستغفرك اللهم ونتوب إليك } وزاد فيه النسائي في آخره { وصلى الله على النبي } وفي رواية البيهقي عن محمد بن الحنفية أن عليا رضي الله عنه كان يدعو بهذا في قنوت صلاة الفجر وروى البيهقي من طرق عن ابن عباس أن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء ليدعوا به في القنوت في صلاة الصبح } وفي رواية له أن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا في صلاة الصبح وفي وتر الليل } قال البيهقي فدل هذا كله أن تعليم هذا الدعاء وقع لقنوت الصبح والوتر .انتهى

والدليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو على المشركين المحاربين ما رواه الشيخان في صحيحيهما ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏ ‏رضي الله عنه ، قال ‏ : ‏لأقربن صلاة النبي ‏‏صلى الله عليه و سلم ‏ ‏فكان ‏أبو هريرة ‏رضي الله عنه ‏ ‏‏يقنت ‏في الركعة الآخرة من صلاة الظهر و صلاة العشاء و صلاة الصبح بعد ما يقول ‏‏سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين و يلعن الكفار .
و فيهما أيضاً عَنْ ‏ ‏أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، ‏قَالَ ‏ : ‏قَنَتَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ ‏ ‏شَهْراً يَدْعُو عَلَى ‏ ‏رِعْلٍ ‏ وَ ذَكْوَانَ .
وفي سنن أبي داود من حديث هلال بن خبّاب عن عكرمة عن ابن عباس قال : ( قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً مُتتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال ” سمع الله لمن حمده ” من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سُليم على رعلٍ وذكوان وعصية ، ويؤَمِن مَنْ خَلْفَه ) . قال ابن القيم رحمه الله وهو حديث صحيح .

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ” أَنَّ رِعْلاً وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَدُوٍّ فَأَمَدَّهُمْ بِسَبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ كُنَّا نُسَمِّيهِمُ الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قَتَلُوهُمْ وَغَدَرُوا بِهِمْ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو فِي الصُّبْحِ عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ قَالَ أَنَسٌ فَقَرَأْنَا فِيهِمْ قُرْآنًا ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ رُفِعَ ( بَلِّغُوا عَنَّا قَوْمَنَا أَنَّا لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا) “. أخرجه البخاري .

وقال صلى الله عليه وسلم ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) رواه أبو داود ( 2504 ) وغيره من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل عن أنس وسنده صحيح .

وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع. فربما قال: إذا قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، اللهم انج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف قال يجهر بذلك ويقولها في بعض صلاته وفي صلاة الفجر “اللهم العن فلانًا وفلانًا” حيين من أحياء العرب حتى أنزل الله تعالى: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) رواه أحمد والبخاري.