التهجد والقيام كلاهما أمر واحد، وهو الصلاة بالليل، واختص قيام رمضان باسم قيام الليل ، واعتبر إحياء الليالي العشر تهجدا ، ومن هنا، فإن التفرقة المتعارف عليها تكون في رمضان ، فتكون الصلاة بعد العشاء قياما ، وإحياء الليالي تهجدا، وكلاهما قد ورد في القرآن بمعنى واحد، قال تعالى :”يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا .نصفه أو انقص منه قليلا.أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا”. وقال :”ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا”.

ومعنى الآية قم فتهجد، والتهجد القيام بعد الرقاد ، والصلاة بالليل قيام، ولما كانت الصلاة بالليل تكون في الغالب بعد نوم سميت تهجدا، وإن كانت هي في الأصل قياما.

وقيل: التهجد هو الصلاة بعد نوم ، أما قيام الليل هو إحياء الليل بالطاعة سواء أكان بالصلاة أم لا، وهو الراجح .

يقول الإمام ابن كثير في قوله تعالى :”فتهجد به نافلة لك “:

قوله تعالى : ” ومن الليل فتهجد به نافلة لك ” أمر له بقيام الليل بعد المكتوبة كما ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة ؟ قال ” صلاة الليل ” ولهذا أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل فإن التهجد ما كان بعد نوم . قاله علقمة والأسود وإبراهيم النخعي وغير واحد وهو المعروف في لغة العرب وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يتهجد بعد نومه عن ابن عباس وعائشة وغير واحد من الصحابة رضي الله عنهم .

وقال الحسن البصري هو ما كان بعد العشاء ويحمل على ما كان بعد النوم واختلف في معنى قوله تعالى : ” نافلة لك ” فقيل معناه أنك مخصوص بوجوب ذلك وحدك فجعلوا قيام الليل واجبا في حقه دون الأمة.أ.هـ

ويقول الإمام القرطبي:

والتهجد التيقظ بعد رقدة ، فصار اسما للصلاة ; لأنه ينتبه لها . فالتهجد القيام إلى الصلاة من النوم .

وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي من حديث الحجاج بن عمر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أيحسب أحدكم إذا قام من الليل كله أنه قد تهجد ! إنما التهجد الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة . كذلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : الهجود النوم . يقال : تهجد الرجل إذا سهر ، وألقى الهجود وهو النوم . ويسمى من قام إلى الصلاة متهجدا ; لأن المتهجد هو الذي يلقي الهجود الذي هو النوم عن نفسه. أ.هـ

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية :

التهجد من الهجود ويطلق على النوم والسهر . يقال هجد : نام بالليل فهو هاجد والجمع هجود مثل : راقد ورقود وقاعد وقعود . وهجد ؛ صلى بالليل ، ويقال : تهجد : إذا نام . وتهجد : إذا صلى فهو من الأضداد .

وفي لسان العرب : قال الأزهري : المعروف في كلام العرب أن الهاجد هو النائم . هجد هجودا إذا نام . وأما المتهجد فهو القائم إلى الصلاة من النوم . وكأنه قيل له متهجد لإلقائه الهجود عن نفسه . وقد فسرت عائشة رضي الله عنها وابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد { ناشئة الليل } بالقيام للصلاة بعد النوم ، فيكون موافقا للتهجد .

والتهجد هو صلاة التطوع في الليل بعد النوم ، وقال أبو بكر بن العربي : في معنى التهجد ثلاثة أقوال :

( الأول ) أنه النوم ثم الصلاة ثم النوم ثم الصلاة .
( الثاني ) أنه الصلاة بعد النوم .
( والثالث ) أنه بعد صلاة العشاء . ثم قال عن الأول : إنه من فهم التابعين الذين عولوا على { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام ويصلي ، وينام ويصلي } . والأرجح عند المالكية الرأي الثاني .

و الأصل في قيام الليل أن يطلق على الاشتغال فيه بالصلاة دون غيرها . وقد يطلق على الاشتغال بمطلق الطاعة من تلاوة وتسبيح ونحوهما . وقيام الليل قد يسبقه نوم بعد صلاة العشاء وقد لا يسبقه أما التهجد فلا يكون إلا بعد نوم .