السنة النبوية المصدر الثاني من مصادر التشريع :

السنة من المصادر الشرعية التي يؤخذ منها الأحكام، وهي مكملة للقرآن الكريم، ومفسرة له، ومبينة لمجمله، قال تعالى: “وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون”، وقال تعالى: “وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: “فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا”.

وقد عرّف علماء الأصول السنة بأنها ما ورد على الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وقد قسم العلماء ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم من أقوال إلى سنة متواترة، وخبر آحاد، ومعنى المتواترة هي ما رواه جمع عن جمع لا يتواطئون على الكذب، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: “من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده في النار.

حكم العمل بحديث الآحاد او خبر الآحاد :

أما خبر الآحاد فهو ما رواه واحد أو اثنان أو أكثر، ولم يصلوا إلى حد الشهرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في جميع سلسلة الحديث وهذا النوع هو أكثر السنة.

وقد ذهب بعض المشككين إلى عدم حجية خبر الآحاد بزعم الكذب أو الوضع على الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن بعد مجهود المخلصين من علماء الحديث الذين نقوا أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب والوضع ودونوها في الكتب الستة المعروفة: البخاري، ومسلم، والنسائي، والترمذي وأبو داود، وابن ماجة، فضلاً عن موطأ مالك.. فكل هذه الأحاديث أحاديث موثوق فيها وحجيتها ثابتة واضحة.

حكم القول بأن القرآن يكفي :

والقول بأن القرآن يكفينا هو قول فيه لغط؛ لأن القرآن الكريم جاء بأحكام تحتاج إلى تفسير وبيان، والله سبحانه وتعالى وإن قال “ما فرطنا في الكتاب من شيء” إلا أنه قال: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر…”،

السنة النبوية مكملة للقرآن الكريم ومفسرة له في كثير من الأحكام:

مثلاً جاءت الآية الكريمة بشأن الوصية “كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرًا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف”، فأوجبت الوصية لكل أحد وبأي مقدار؛ فجاء خبر الآحاد وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا وصية لوارث”، فورد التخصيص من الحديث على الآية، وأخرج الحديث من الآية: الأقارب الوارثين الذين ليس لهم حق في الوصية حيث تتكدس في أيديهم الأموال.

وورد خبر الآحاد في تحديد مقدار الوصية في حديث النعمان بن بشير حينما أراد أن يوصي بجميع ماله فقال له صلى الله عليه وسلم: “الثلث والثلث كثير إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة.

وأيضًا بالنسبة لآية التحريم -بيان المحرمات في الزواج- قال سبحانه وتعالى: “وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة…”، حيث قصر التحريم في الآية على الأم رضاعًا وعلى الأخت رضاعًا، فجاء خبر الآحاد وهو قوله صلى الله عليه وسلم: “يحرم بالرضاع ما يحرم من النسب”.