العيادة المشروعة للمريض تشمل – فيما تشمل – عيادة النساء للرجال، ولو كانوا أجانب عنهن، كما تشمل عيادة الرجال للنساء:
ومن أبواب البخاري في (كتاب المرضى ) من صحيحه : باب عيادة النساء الرجال . وذكر في هذا حديثًا معلقًا : أن أم الدرداء عادت رجلا من أهل المسجد من الأنصار، وقد وصله البخاري في (الأدب المفرد) من طريق الحارث بن عبيد، قال :
رأيت أم الدرداء على رحالها أعواد ليس عليها غشاء، عائدة لرجل من الأنصار في المسجد (الأدب المفرد للبخاري، باب عيادة النساء الرجل المريض، حديث 530) . كما ذكر حديث عائشة رضى الله عنها قالت : لما قدم رسول الله –صلى الله عليه وسلم– المدينة، وعك أبو بكر، ووعك بلال رضى الله عنهما، قالت : فدخلت عليهما، فقلت : يا أبت كيف تجدك ؟ ويا بلال كيف تجدك ؟ قالت: وكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول :
كل امرئ مصبح في أهلــه
والموت أدنى من شراك نعله !
وكان بلال إذا أقلعت عنه يقول :
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بواد وحولي أذخر وجليــل ؟ !
وهل أردن يومًا مياه مجنة
وهل تبدون لي شامة وطفيل ! !
قالت عائشة : فجئت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبرته، فقال : ” اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ” (البخاري مع الفتح، الحديث 5654) . الحديث.
والشاهد في الحديث دخول عائشة على أبيها وعلى بلال، وقولها لكل منهما : كيف تجدك ؟ أي كيف تجد نفسك ؟ كما نقول نحن اليوم: كيف صحتك ؟ أو كيف حالك ؟ وبلال لم يكن محرمًا لأم المؤمنين.
ومما لا ريب فيه أن هذه العيادة مقيدة بشروطها الشرعية المعتبرة : من الاحتشام والالتزام باللباس الشرعي، وأدب المسلمة في المشي والحركة والنظر والقول وعدم الخلوة، وأمن الفتنة، بالإضافة إلى إذن الزوج للمتزوجة، أو الولي لغير المتزوجة.
ولا ينبغي للزوج أو الولي أن يمنعها من عيادة من له حق عليها من قريب غير محرم، أو صهر أو أستاذ، أو زوج قريبة أو والدها، أو نحو ذلك بالشروط المعتبرة المذكورة.