قال ابن القيم في كتاب “جلاء الأفهام” : قالت طائفة: يُقال: آلُ الرَّجُلِ له نفسه، وآله لمن تبعه، وآله لأهله وأقاربه، فمن الأول قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما جاءه أبو أوْفى بصدقته : “اللهمَّ صلِّ على آلِ أبي أوْفى” ، وقوله تعالى : (سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِين) (سورة الصافات: 130) ، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ “اللهمَّ صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم” ، فآلُ إبراهيم هو إبراهيم؛ لأن الصلاة المطلوبة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هي الصلاة على إبراهيم نفسه، وآله تَبَعٌ له فيها .

ونازعهم في ذلك آخرون وقالوا: لا يكون الآلُ إلا للأتباع والأقارب، وقالوا: وما ذكروا من الأدلة المُراد بها الأقارب . ثم اختار من القوْلَيْن أنَّ الآلَ إن أُفْرِدَ دخل فيه المُضاف إليه كقوله : (أدخِلوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) (سورة غافر: 46) وأما إن ذُكِرَ الرجل ثم ذُكِرَ آله لم يدخل فيهم .

واخْتُلِفَ في آلِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أربعة أقوال:
فقيل: هم الذين حُرِّمَتْ عليهم الصَّدَقة ، وفيهم ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهم بنو هاشم وبنو المطلب، وهذا مذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه ، والثاني أنهم بنو هاشم خاصة، وهذا مذهب أبي حنيفة، والرواية الثانية عن الإمام أحمد، وهي المذهب الذي لا يُفتي بغيره عنده، والثالث: أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى “غالب” فيدخل فيهم بنو المطلب وبنو أمية وبنو نوفل ومن فوقهم إلى “غالب” وهذا اختيار أشهب من أصحاب مالك.

والقول الثَّاني أنَّ آلَ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هم ذريته وأزواجه خاصة، حكاه ابن عبد البر في “التمهيد.

والقول الثالث : أن آله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أتباعه إلى يوم القيامة، حكاه ابن عبد البر عن بعض أهل العلم، واختاره بعض الشافعية وغالب العلماء المتأخرين في مقام الدُّعاء خاصة.

والقول الرابع: أن آله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هم الأتقياء من أمته، حكاه القاضي حسين والراغب وجماعة.

هذا ما نقله السفاريني عن جلاء الأفهام لابن القيم ثمَّ تحدَّث عن الصلة بين الآلِ والأهل، فقال: هل أصل آل أهل، ثم قُلِبَت الهاء همزة فقيل: أأل، ثم سُهِّلَتْ على قياس أمثالها فقيل: آل ، بدليل تصغيره على أهيل، أو أول من آل يؤول إذا رجع ، فآل الرجل هم الذين يرجعون إليه ويضافون، ويؤولهم أي يسوسهم فيكون مآلهم إليه؟ ظاهر كلامه في “جلاء الأفهام” ترجيح الثاني.

وجاء في القاموس : آله أهل الرَّحِم وأتباعه وأولياؤه ، ولا يُسْتعمل إلا فيما فيه شرف غالبًا، فلا يقال : آل الإسكاف كما يُقال أهله . قال في القاموس: وأصله أهل، وأُبْدِلَتْ الهاء همزة فصارت أأل، توالت همزتان فأبدلت الثانية ألفا، وتصغيره أويل وأهيل. انتهى.