الصيد بالبنادق دون التذكية يحل ما دام يخترق الجسد ويدمي الطائر ، ويستحب التسمية عند إطلاق الرصاص .

يقول فضيلة الشيخ عطية صقر ـ رحمه الله ـ في كتابه أحسن الكلام في الفتوى والأحكام:

روى البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم أنه سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال : فإني أَرْمِي بالمعراض الصيد فأصيد.قال: إذا رميت بالمعراض فَخَزَقَ فكل، وما أصاب بعَرْضِه فلا تأكل.

والمعراض قيل: هو السهم الذي لا ريش له ولا نصل.

وقيل: هو خشبة ثقيلة آخرها عصا محدد رأسها وقد لا يُحدَّد، واختاره النووي تبعًا لعياض.

وقال ابن التين: المعراض عصا في طرفها حديدة يَرمِي بها الصائد، فما أصاب بحدِّه فهو ذكي فيؤكل، وما أصاب بغير حده فهو وقيذ.. وخَزَقَ أي نفذ…وجاء بلفظ وخسق أي خدش …

وروى البخاري ومسلم أيضًا عن عبد الله بن المُغَفَّل أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ نهى عن الحذف، وقال: (إنها لا تَصيد صيدًا ولا تنكأ عدوًا، ولكنها تَكسر السن وتفقأ العين) الخَذْف أي الرمي بحصاة أو نواة بواسطة المخذفة وهي كالمقلاع .

وروى أحمد عن عدي أيضًا أنه قال: يا رسول الله، إنا قوم نرمي، فما يَحل لنا؟ قال: (يحل ما ذكيتم، وما ذكرتم الله عليه وخزقتكم فكلوا منه) .

وروى أحمد مرسلاً عن عدي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : “ولا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت”، والبندقة تُتخذ من طين وتيبس .

نستنتج من هذه الأحاديث ما يأتي :
1 ـ إذا أدرك المصيد حيًا حياة مستقرة وذبح فهو حلال بالاتفاق واشتراط التسمية أو عدم اشتراطها عند الذبح فيه خلاف بين الفقهاء، وهو يكون في الصيد المذبوح وفي غير الصيد .

2 ـ إذا مات الصيد قبل أن يُذبح، وكان موته بشيء محدَّد كالسهم الذي يجرح أو يخترق فهو حلال، واشترط بعضهم التسمية ولم يشترطْها بعضهم عند إطلاق السهم .

3 ـ إذا مات الصيد قبل أن يُذبح وإن موته بشيء غير محدد أي لم يجرح ولم ينفذ كالحجر والبندقة فإن الجمهور يقول بحرمته، وعن الأوزاعي وغيره من فقهاء الشام أنه يحل مطلقًا كل صيد، سواء أكان بمحدد أم بغير محدد، ولكن النصوص تشهد لقول الجمهور .

والرَّصاص الذي يُطلق من البنادق والمسدسات هل يُعد كالسهم فيَحِل صيده؟ رأي جماعة أنه كالسهم؛ لأنه يخترق جسم الصيد وينفذ منه بل هو أشد منه. وعلى هذا فيحل الصيد به، ورأى آخر ليس محددًا جارحًا كالسكين والسهم بل يقتل الصيد بثقله الشديد، وعلى هذا فلا يحل أكله .

ونختار أن الصيد بالرصاص يحل أكل ما صيد به، والأحوط أن يذكر اسم الله عند إطلاق الرصاص خروجًا من خلاف من أوجبه.